صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| الشيطان.. وبصمة منتصف الليل

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 26 أبريل 2019 - 06:43 م

زعزعت المفاجأة كيانها، خفق قلبها وتسارعت دقاته، انتابها صمت عميق وشرود وذهول غريبين، انتقضت من فوق سريرها معتقدة بأنها في حلم من الأحلام أو كابوسا لكنها تعرف حق المعرفة بأن ما يحدث حقيقة ولم تحسب حساب هذا اللقاء أو مواجهة ذلك الموقف حيث وجدت زوجها يجلس القرفصاء بجوار السرير ليبدو كشبح يبعث في نفسها الرعب والهلع حتى أنقذها هاتفها المحمول الذي تصادف رنينه في منتصف الليل.

وقفت الزوجة ابنة الـ٢٧ عاما داخل محكمة الأسرة تبكي بصمت، وعيناها مطفأتين من أثر البكاء، وكانت لزوايا فمها التواءة الألم المألوف لتبدو كالمحكوم عليه بالسجن أو كالمريض بداء لا شفاء منه، الحزن منثور على وجهها بل مغطى به تحاورها نفسها في حزن وحيرة تنهش رأسها، وتتساقط الأفكار من ذاكرتها المتعبة، تزدحم الصور في مخيلتها حتى أصبحت لا ترى شيئا.

أفاقت على صوت الحاجب وهو يدعوها للمثول أمام أعضاء هيئة مكتب تسوية المنازعات، وبصوت مبحوح قالت: "لقد تزوجت منذ ٤ سنوات، وارتبطت بزوجي عن حب واقتناع، وأعطيته كل ما أملك، وتحملت لأجله ما لا يطاق، قاسمته الأيام بحلوها ومرها، وانجبت طفلا ملأ حياتي بهجة وسعادة بالرغم من أن زوجي يعمل يوما ويمكث بالمنزل ١٠ أيام مما اضطرني للبحث عن عمل للوقوف بجانبه، لكنني فوجئت به صار عصبيا وسلوكه تغير تجاهي وأخذ يسبني ويهينني لأتفه الأسباب وأحيانا يصل الأمر إلى الاعتداء علي بالضرب حتى فاض بي الكيل ولم أعد اتحمل معاملته القاسية".

تنفست الزوجة الصعداء قائلة: "فكرت مرارا وتكرارا المجيئ إلى محكمة الأسرة لطلب الطلاق وهددته بذلك كثيرا لكن تدخل أهل الخير للصلح بيننا، ووعده لي بعدم إهانتي، وبالفعل عدت إلى المنزل واستقبلني استقبال الفاتحين اعتقدت بأن الدنيا فتحت ذراعيها لي مرة أخرى، ولم أكن أعلم بما يخفيه في صدره حيث ارتدى عباءة إبليس وفوجئت به في إحدى الليالي بعد منتصف الليل يجلس القرفصاء بجوار السرير يحاول امساك يدي لوضع بصمتي على إيصالات أمانة لتهديدي بها والانتقام مني لمجرد إنني هددته باللجوء إلى محكمة الأسرة لطلب الطلاق منه، انتابتني حالة من الذعر والهلع واعتقدت بأنه شبح وسط الظلام، ارتجفت أناملي وتملكتني رعشة شديدة وتوقفت الصرخات داخل صدري وصرت أتنفس بصعوبة وكأن كابوسا يجثم على صدري لولا عناية الله لي حيث تصادف رنات هاتفي المحمول أثناء محاولته للحصول على بصمتي لأفيق، وأيقنت أن ما يحدث حقيقة، وأخذت أرمقه بنظرات تسبقها دموع الحزن والألم من تصرفه هذا".

اختتمت الزوجة فجيعتها قائلة: "لم أكن أتوقع من زوجي يوما الغدر بي، ومنذ ذلك شعرت بعدم الأمان معه لذا قررت اللجوء إلى محكمة الأسرة والذهاب بدون عودة لطلب الطلاق للضرر منه وحصولي على جميع حقوقي الزوجية ونفقة لابني، وهربا من هذا الزوج الشيطان".


هدأ أعضاء مكتب التسوية من روعها بعد أن أجهشت في بكاء مرير وقامو باعلان الزوج لسماع أقواله.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة